التعلم الذاتي

التعلم الذاتي Self-Learning

يقول جيم رون (Jim Rohn): “أن التعليم الرسمي يجعلكم تحصلون على لقمة العيش في حين أن التعلم الذاتي يقودكم للثروة.” ما الثروات المقصودة هنا؟ بالتأكيد الثروات المعرفية التي أصبحت رأسمال الفرد في العصر المعرفي، إذ أن التعليم يعتمد في مختلف مراحله على تصورات للمستقبل وهذا لم يكن صعبًا عندما كان العالم يتغير ببطء.

اليوم، عليكم كمعلمين تهيئة أنفسكم لعالم لا نستطيع توقع ما سيحصل فيه، وبالتالي أصبح التعلم الذاتي عاملًا أساسيًا لمتعلمي القرن الحادي والعشرين، والكثير منكم يسعى بين حين وآخر لاكتساب المزيد من الخبرات وتطوير المعارف والمهارات التي تعتبر الثروة الحقيقة للإنسان. هذا المقال يساعدكم على فتح باب آخر من أبواب التنمية المهنية للمعلمين، حيث يسلط الضوء على التعلم الذاتي وكيف يُسهم في تنميتكم المهنية.

ما هو التعلم الذاتي؟

التعلم الذاتي هو اكتساب الفرد للمعلومات، والمهارات، والخبرات بصورة ذاتية ومُستقلة عن أي مؤسسة تربوية وبالاعتماد على النفس، إذ تعتبر هذه العملية نشاطًا واعيًا ينبع من دوافع داخلية لدى الفرد، تحثه على تحسين وتطوير شخصيته، وقدراته، ومهاراته عن طريق ممارسة المُتعلم لمجموعة من الأنشطة والنشاطات التعليمية بمفرده من مصادر هادفة ومختلفة بعد تشخيصه لغاياته التعليمية، وصياغة أهدافه، وتحديد الوسائل الملائمة له حيث يضع خطة تعليمية تتناسب مع سرعته بالتعلم، وميوله وتوجهاته.

اقرأ أيضًا: الإدارة الصفية الفاعلة

ما الهدف من التعلم الذاتي؟

كل منكم لديه أهداف تختلف عن الآخر، إذ يختلف الهدف من عملية التعلم الذاتي باختلاف غاياتكم أو الهدف المُراد تحقيقه، ومن أبرز أهداف التعلم الذاتي الآتي:

  • اكتساب المهارات والمعارف اللازمة لمواصلة عملية التعلم بشكل ذاتي.
  • تعليم الفرد نفسه بنفسه، وبالتالي تحمل مسؤولية تعلمه.
  • المساهمة ببناء مجتمع بنّاء وهادف، وجعل عملية التعلم محورًا أساسيًا وثابتًا في المجتمع.
  • تحقيق عملية تعلم مستمرة مدى الحياة.
  • تنمية المهارات والمعارف بطريقة سلسة وسهلة على المتعلم.
  • اختيار المواد التعليمية الملائمة دون التقيد بالزمان والمكان.

أهمية التعلم الذاتي

  • تعلم المهارات واكتساب المعارف بأقل جهد مبذول وبتكلفة منخفضة.
  • إتاحة دور إيجابي للمتعلم في عملية التعلم الذاتي وضمان مشاركته الفعالة أثناء عملية التعلم.
  • تلبية الحاجات النابعة من الأداء اليومي للوظيفة.
  • تغيير سلوكيات المتعلم، وزيادة ثقته بنفسه، وتطوير مهارة تحمل المسؤولية لديه.
  • توفير تغذية راجعة للفرد مما يسهم بتحسين أداء المتعلم أول بأول.
  • إتاحة الفرصة للمتعلم لاكتشاف مواهبه والمجالات التي يبدع فيها.

أنواع أنشطة التعلم الذاتي

هل قرأتم كتب متنوعة مرتبطة بموادكم التعليمية أو بطرق التدريس في صفوفكم؟ هل شاركتم في دورات التنمية المهنية والدورات التدريبية المتنوعة؟ هناك الكثير من أنشطة التعلم الذاتي يمكنكم القيام بها أو بجزء منها ومن هذه الأنشطة الآتي:

  • قراءة كتب ومجلات تربوية وتسجيل نقاط التعلم.
  • المشاركة في ورشات ودورات تدريبية.
  • البحث والتقصي والدراسة الذاتية لتنمية كفايات مُعينة.
  • أنشطة مشاركة التعلم على مستوى المدرسة، مثل: حلقات التعلم ونادي الكتاب وتبادل الزيارات الصفية.
  • كتابة التأملات.
  • عمل ملف إنجاز لتقييم مدى التطور.

ابدأوا بأنشطة بسيطة سهلة التنفيذ وشاركوا زملائكم نتائج هذه الأنشطة وأثرها عليكم، حتى تسهموا في نشر عدوى التعلم الذاتي لما لها من أثار تعود عليكم بالنفع، ولا تنسوا طلبتكم، اشركوهم بأنشطة التعلم الذاتي حتى يتمكنوا من اكتساب هذه المهارة “التعلم الذاتي” لكي تصبح جزءًا أساسيًا من تعلمهم.

نصائح للتعلم الذاتي الفعال

أظهرت الدراسات الحديثة أن التعلم الإلكتروني والتعلم عن بُعد أساليب فعالة للتعلم الذاتي. إذ أن التغيرات التي حدثت خلال العشر سنوات الأخيرة في طريقة تعاملنا مع المعرفة في ظل استخدام الإنترنت وأجهزة الهواتف النقالة ومواقع التواصل الاجتماعي وأنظمة التعلم الإلكترونية وغيرها، تتطلب السعي نحو التعلم الذاتي.  

هل يخطر في بالكم أن غرف التدريس يُمكن أن تُصبح مهجورة يومًا ما؟ إن التعلم لم يعد يحدث فقط في الغرفة الصفية، إذ أن الفرص الجديدة للتعلم المتوفرة في المجتمع المعرفي تُساعد على إثراء عالم التعلم الذاتي. لكن كيف تستفيدون من هذه الفرص بالقدر الأكبر؟ إليكم بعض النصائح الآتية:

الاهتمام بالتعلم الذاتي

الاهتمام بالتعلم الذاتي هو المُحرك الأساسي للنجاح، فأنتم لن تتعلموا ما لا ترغبون بتعلمه. العواطف جزء مهم من عملية التعلم، فلو كنتم مهتمين بموضوع ما بشكل بسيط، حاولوا إيجاد روتين ممتع مرتبط بهذا الموضوع. كما يقول المثل الفرنسي: “تأتي الشهية مع تناول الطعام.”

توقع المشكلات

توقع المشكلات من الأمور المهمة لكم، لذا لا تتوقعوا فهم الأمور وعدم نسيانها من أول مرة تدرسونها، وثِقوا بأن الأمور ستصبح أوضح عندما يستوعب دماغكم المعلومات الجديدة تمامًا مثل لعبة (puzzle) أو الكلمات المتقاطعة فعندما تبدؤون بوضع القطع أو الكلمات مكانها تُصبح الصورة الكاملة أوضح. هناك أمور يسهل تعلمها أكثر من أمور أخرى، وبعض الأمور تستغرق وقتًا أطول لفهمها. استمروا بالمحاولة، وستجدون تدريجيًا أن ما كان يبدو صعبًا تعلمه في البداية سيصبح مكتسبًا مع مرور الوقت.

النظر للموضوع من زوايا مختلفة

النظر في أي موقف أو نشاط يتطلب رؤيته من جوانب متعددة، لذا يُكافح الدماغ من أجل تشكيل أنماط للتعامل مع المدخلات الجديدة من أنشطة التعلم. إذا شعرتم أنكم عالقين فتابعوا ولا تقفوا مكانكم، قوموا بالاطلاع على نفس المعلومات العامة من مصادر مختلفة، أو كتب متنوعة أو ملفات صوتية أو محاضرات إلكترونية أو فيديوهات مسجلة. حاولوا أن تصبحوا متعلمين فاعلين تتجولون في كل الأماكن حصولًا على المعارف والمهارات، وتذكروا أنه كلما زادت قاعدة مصادركم أصبح التعلم أسهل، وكلما عرفتم أكثر كلما تعلمتم أكثر.

التعلم في أي وقت

التعلم في أي وقت وفي أي مكان ما يميز هذا العصر، لذا استفيدوا من الإنترنت، والهواتف النقالة، ولا تنسوا الكتب والمجلات. تعلموا منها في كل الأوقات والأماكن، استمعوا وأنتم في السيارة، وأنتم تُمارسون الرياضة، وأنتم في غرفة الانتظار عند الطبيب. كل وقت هو وقت للتعلم! وتذكروا أنكم تتعلمون من خلال التجارب المختلفة.

الانضمام لمجتمعات التعلم

الانضمام لمجتمعات التعلم يعود عليكم بالمنفعة والخير، لذا ابحثوا عن مجتمعات تعلم تُناسب اهتماماتكم ونمط تعلمكم، وستجدون في هذه المجتمعات التشجيع والنصيحة والتحفيز من زملائكم المتعلمين. تستطيعون في هذه المجتمعات قياس مدى التقدم الذي تحرزونه بالنسبة لأهدافكم الموضوعة، أو مقارنة تجربتكم مع تجارب الآخرين. إضافة إلى ذلك، تستطيعون تعليم الآخرين حيث يُعد ذلك طريقة رائعة للتعلم، ولا تنسوا أهمية عقد حلقات التعلم في المدرسة وتبادل الزيارات.

في النهاية، كلما اجتهدتم في تطوير معارفكم واكتساب المهارات الجديدة كلما زادت ثرواتكم المعرفية والمهارية وأصبحتم قادرين على توظيفها في العصر الرقمي الذي يتسم بالسرعة الهائلة والتطورات الواسعة، لذا إذا أردتم مواكبة العصر الذي تعيشون فيه، بات عليكم السعي نحو التعلم الذاتي.

المراجع

أحدث المواضيع